كتابي هو صديقي


يعد "مستشفى شاريتيه الجامعي" في العاصمة الألمانية برلين، والذي يضم أربعة فروع جامعية طبية، واحداً من أكبر المستشفيات الجامعية في أوروبا، وجرى تأسيسه في العام 1710 بهدف مواجهة انتشار وباء الطاعون شمالي شرقي ألمانيا آنذاك، ليتحول لاحقاً إلى مرفق طبي خيري يُعنى بعلاج الفقراء والمحتاجين، وليحمل منذ ذلك الحين إرثاً عريقاً في ريادة البحث الطبي والعلمي.

في أكتوبر 2018، وفي إطار أنشطة مبادرة "تَبَنَّ مكتبة"، زار فريق من مؤسسة كلمات عيادة "فيرشو" في مستشفى شاريتيه للتبرع بالكتب لصالح بعض المرضى الصغار من أصل عربي وينتمي عدد منهم إلى عائلات اللاجئين أو طالبي اللجوء، وتم تسليمهم الكتب لتكون مصدراً فكرياً مفيداً، ولتعزيز ارتباطهم بتقاليدهم وبثقافات بلدانهم الأم، ولتكون صديقاً يستأنسون بوجوده معهم طوال فترة العلاج.

منار طفل في السابعة من عمره مصاب بالسرطان، نزح مع عائلته هرباً من ويلات الحرب في سوريا، وكان واحداً من أوائل الذين استخدموا المكتبة الجديدة. عندما استحضر منار بعض التجارب الصعبة التي مر بها خلال وجوده في المستشفى، عبّر عن حزنه وشعوره بالوحدة والفراغ بعد أن فقد أحد أصدقائه، وذكر الألعاب التي حفظها عن ظهر قلب وأصبح يشعر بالملل تجاهها لأنها لم تعد تضيف إليه شيئاً. لقد أصبحت المكتبة التي تحتوي على 100 كتاب عربي موجّه للأطفال "شيئاً رائعاً"، وفقاً لتعبيره، لأنها ستساعده على ملء الفراغ الذي يعيشه من دون أن يتملكه الملل.

من المؤكد أن الكتب أسهمت في مساعدة الأطفال؛ ومن بينهم منار، على التمسك بثقافتهم العربية وتمتين ارتباطهم بلغتهم الأم، وبخاصة خلال محاولة تأقلمهم واندماجهم مع بيئة وظروف جديدة. لقد أصبحت الكتب بالنسبة إليهم الصديق الذي لا غنى عنه، وجليسهم المحب والمعطاء خلال الساعات الطويلة.

لقد تبرعت مؤسسة كلمات بـ 12 مكتبة لسبع منظمات في ألمانيا وحدها؛ بما فيها "مستشفى شاريتيه الجامعي"، أملاً في تمكين الأطفال من الإحساس بالطمأنينة والسلام لمساعدتهم على التخلص من معاناتهم وتحسين ظروف حياتهم؛ مثلما نأمل تجاه منار.

Close Bitnami banner
Bitnami