p3 2023 الفصل الثالث

English

بالكتب نترابط ونجتمع

“في مناسبتين مختلفتين، حضر إلى المكتبة بعض الفتيات وقفزن فرحاً عندما رأين الكتب”.

منذ إطلاقها في نوفمبر 2017، حققت مبادرة “تبنّ مكتبة” العديد من المكاسب المشهودة، واستحقت إشادات إيجابية ومشجعة من قبل الجهات المستفيدة بفضل الأرقام التي حققها حجم التبرعات بالكتب.

فقد عادت مساعي مبادرة “تبنّ مكتبة” نحو تطوير نشر القراءة ومصادر المعرفة باللغة العربية وإسهامها في التعليم الرسمي بفائدة كبيرة على المؤسسات المستفيدة والمشاركة. في مخيّم الزعتري الواقع شمالي الأردن، والذي يضمّ نحو 80,000 لاجئ من سوريا، تُدار المكتبات التي ترسلها مؤسسة “كلمات” بوساطة منظمة بلومونت Blumont غير الربحية والمسؤولة عن مشروع الحماية المجتمعية. ووفقاً لسراج الحمود، المدير الأول للمخيم، استفاد من الكتب ما يقارب 2,000 طفل تتراوح أعمارهم بين عامين و17 عاماً. ومن خلال نادي “نمور بلومونت” للقراءة، أصبحت برامج القراءة والاطلاع على مصادر المعرفة والثقافة جزءاً رئيساً من إطار التعليم الشامل الذي يتضمن اللغتين العربية والإنجليزية، وتكنولوجيا المعلومات، والفنون. كما أسهمت برامج التوعية، التي تتم في أنحاء مخيّم الزعتري عن طريق المكتبات المتنقّلة، في إثراء وتعزيز روح المجتمع؛ إذ أصبحت المكتبات في مخيم اللاجئين لاحقاً حجر الزاوية في برنامج الحياة اليومي، وتشارَكَ الأطفال، والأهالي، وأصحاب الأعمال التجارية، والمعاهد، فرص القراءة واستعارة الكتب.

في شرقي أفريقيا بأرض الصومال، تستضيف مكتبة سيلانيو الوطنية العامة في هرجيسا 30 مدرسة و120 تلميذاً في الأسبوع، إذ تحتل كتب المؤسسة ركناً للأطفال يُستخدم في جلسات القراءة الجماعية. وتستوعب مدينة هرجيسا مجتمعات المهاجرين من دول القرن الأفريقي، الذين يقيمون فيها لأغراض اقتصادية، أو الذين نزحوا إليها بسبب الصراعات والحروب، أو انعدام الأمن، أو الجفاف. وتقدّم المكتبة العامة خدمة مميّزة بتوفيرها للمرحلة التأسيسية التي تضمن حقّ الأطفال واليافعين في القراءة والحصول على مصادر المعرفة…

مواكبة المستقبل والتقدّم العالمي

“التعليم دائماً هو الحلّ. إذا تمكّن الأطفال المكفوفون أو ضعاف البصر أو الذين يعانون مشكلات بصرية تعيق قدرتهم على قراءة المطبوعات من إكمال تعليمهم ولم يواجهوا أي صعوبات في الحصول على تعليم عالٍ، فلن يكون هناك سقف لطموحاتهم أو نجاحاتهم.”

يتطلب تعليم الأطفال المعاقين بصرياً ورعايتهم تركيزاً كبيراً على احتياجاتهم والاهتمام بها. ويتعلق أحدها بغرض جليّ، وهو إرشاد أولئك الذين يكتنف الظلام عوالمهم فلا يترك لهم مجالاً للضوء، أو الألوان، أو الأشكال. كما تتطلب إدارة مستقبل هؤلاء اليافعين مسؤولية كبيرة. وبما أن مؤسسة “كلمات” تقدم دعمها للمساعدة في توفير مصادر القراءة والمعرفة لهذه الفئة من الأطفال واليافعين، فقد طلبنا من شركائنا والجهات المستفيدة من خدماتنا إبداء آرائهم فيما يخص المكاسب الناتجة عن إسهامات مبادرة “أرى”.

في ما يتعلق بالمؤسسات التي استفادت من مبادرة “أرى” وقدمت لها الدعم، غالباً ما يتسع نطاق أعمالها ليشمل التعليم المدرسي، والالتحاق بالتعليم، وتنمية المهارات الحياتية، والصحة، والأعمال الخيرية، وتطوير إصدار التنسيقات الميسّرة. ففي الشرق الأوسط، حيث لا تتوافر الكتب الميسّرة باللغة العربية بسهولة، عملت مؤسسة “كلمات” على تحديد أفضل السبل لتشجيع القراءة…

في إطار تحقيق هدفها الرئيسي، حرصت “مؤسسة كلمات” منذ انطلاقها على تعزيز بنود معاهدة مراكش 2013 بخصوص الاستثناءات المتعلقة بحقوق النشر العالمية، ووضع آلياتٍ لنشر الكتب الميسّرة بطريقة برايل، كتب مكبرة، والكتب الصوتية والإلكترونية حول العالم، ووفقاً للاتحاد العالمي للمكفوفين يتمثّل الحافز الرئيسي لتلك الجهود بتوفير المزيد من فرص القراءة وتمكين المكفوفين وضعاف البصر من الوصول إلى الكتب، لأنهم لا يستطيعون قراءة معظم المواد المنشورة والتي تتجاوز نسبتها الـ90%.

وفي سبتمبر 2022، بعد توسّع نطاق توزيع الكتب الميسّرة المناسبة ومن خلال زيادة الوعي بانخفاض عدد المؤلفات الأدبية المخصّصة للمكفوفين وضعاف البصر، أصبحت “كلمات” أول مؤسسة ذات نفع عام تحصل على ترخيص وزارة الاقتصاد الإماراتية للاستفادة من “معاهدة مراكش” ونشر الكتب الميسّرة.

وفي أكتوبر من العام ذاته، ولتعزيز أدوات “مؤسسة كلمات” واستراتيجيتها طويلة المدى لتوزيع الكتب الميسّرة، قام “اتحاد الكتب الميسَّرة”، وهو شراكة بين القطاعين العام والخاص لأصحاب المصلحة والجهات المعنية ومن بينها “الاتحاد العالمي للمكفوفين” والتي تقودها “المنظمة العالمية للملكية الفكرية” (ويبو)، بمنح مؤسستنا ترخيصاً للوصول إلى منصتها الخاصة “خدمة الكتب العالمية” التي تضم أكثر من 730 ألف كتاب.

وتتمثّل أهمية وفائدة هذه الخطوة بتمكيننا من مشاركة المواد الرقمية المكتوبة باللغة العربية واستخدام الكتب التي تشاركها الجهات المعتمدة الأخرى من جميع أنحاء العالم، واستثناء حقوق النشر.

ومع هذه القدرات الجديدة، برزت أهمية استدامة الأمل بين المجتمعات والدول العربية، حيث يدعم ترخيص نشر المواد الأدبية المتوفرة جهود “مؤسسة كلمات” لإعداد خطط وتحقيق أهداف أكبر تتعلق بنشر المحتوى الميسّر، والخروج بنتائج ملموسة وأكثر فاعليّة على أرض الواقع.

واليوم، ولتسليط الضوء على عزمنا وإرادتنا لتحقيق أهدافنا الرامية لتزويد الأطفال المكفوفين وضعاف البصر بالمعرفة والأفكار التي تزخر بها الكتب، تطورت “مؤسسة كلمات” وارتقت مهامها لتصبح أكثر من مجرد نشر الوعي وبناء القدرات وتوزيع الكتب، وأصبح تفاعلنا العميق مع سلسلة الإمداد واحداً من الممارسات التي تُميّزنا كمؤسّسةٍ متخصصةٍ بتوزيع الكتب الميسّرة التي تحظى بعضوية منصّة “خدمة الكتب العالمية”، والتي ارتقت إلى المستوى العالمي.

ووضعت حكومات دول منطقة الشرق الأوسط وغيرها من دول العالم خططاً واستراتيجياتٍ لدعم وتطوير الاقتصادات المعرفية، ومن المُتوقّع أن تُسهم جهود “مؤسسة كلمات” في دعم وصول المعرفة للأشخاص الذين يحتاجونها وأن تعود بفوائد جمة على الدول التي تُنفّذ هذه الاستراتيجيات، على صعيد تعزيز القدرة على القراءة والتعبير عن الأفكار، والتكيّف مع التكنولوجيا الحديثة، وبناء المعرفة، وتوفير فرص في التعليم والقوة العاملة.

publishing

تتضمن مجموعة “كلمات” عدداً من دور النشر، واستحقت العديد من الجوائز والتكريمات، ولديها أكثر من 450 كتاباً، وتمتلك حقوق الترخيص والتوزيع في أكثر من 16 دولة. ويندرج نحو 250 كتاباً من إصدارات المجموعة ضمن كتب “كلمات” للنشر، إذ تركز القصص في الغالب على التراث العربي وتتناول أشكال التباين والمقارنة التي يختبرها الأطفال في نشأتهم، والموضوعات الاجتماعية والثقافية في البيئات العالمية والبديلة.

وقد عقدت “كلمات” للنشر العديد من الشراكات مع مؤسسات ودور نشر عالمية رائدة، أبرزها دار “بلومزبري” في المملكة المتحدة، ودار “كواترو” للنشر في الولايات المتحدة، ودار “إيديشنز غاليمارد جونيس” في فرنسا، ودار “غالوتشي إيديتوري” للنشر في إيطاليا. 

فيما يتعلق بالجوائز، مُنحت “كلمات” للنشر خلال العامين 2012 و2015 جائزة “عربي 21” من مؤسسه الفكر العربي، ونالت جائزة العام كأفضل ناشر لكتب الأطفال عن قارة آسيا من معرض بولونيا لكتاب الطفل 2016، وفي العام 2017 فازت بجائزة الشيخ زايد للكتاب لأفضل ناشر.

publishing
Close Bitnami banner
Bitnami